السبت، 9 مارس 2013

بليغ حمدي


بليغ حمدي 


ولد بليغ عبد الحميد حمدي مرسي فى حى شبرا – من جذور تمتد لصعيد مصر – فى 7 أكتوبر 1932 ، و كان والده يعمل أستاذا للفيزياء فى كليه العلوم بجامعه فؤاد الأول ( جامعه القاهره حاليا ) .. 


بدأ شغفه بالموسيقى يظهر منذ الصغر ، حيث أتقن العزف على العود ، ولم يكن يتعدى التاسعه من العمر ، وفى سن الثانية عشر حاول الالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى ، الا أن سنه الصغير حال دون ذلك .. 


التحق بمدرسه شبرا الثانويه ، فى الوقت الذى كان يدرس فيه أصول الموسيقى فى مدرسه عبد الحفيظ امام للموسيقى الشرقيه ، ثم تتلمذ بعد ذلك على يد درويش الحريرى و تعرف من خلاله على الموشحات العربيه .. 

بعد انتهاء الدراسه الثانويه ، التحق بليغ بكليه الحقوق و درس – فى نفس الوقت - الموسيقى بشكل اكاديمى فى معهد فؤاد الأول للموسيقى ( معهد الموسيقى العربيه حاليا ) .. 

كان السيد ( محمد حسن الشجاعى ) مستشار الاذاعه المصريه فى ذلك الوقت يرى أن بليغ يصلح لأن يكون مغنيا ، و أقنعه بترك دراسه الحقوق ومحاوله احتراف الغناء ، وعهد اليه بالغناء فى بعض برامج الاذاعه وبالفعل سجل بليغ أربع أغنيات للاذاعه من ألحان عبد العظيم محمد / رؤوف ذهني / محمد عمر و فؤاد حلمى .. 

و كان تفكير بليغ متجها صوب مجال موسيقى آخر ، ألا و هو مجال التلحين – و ليس الغناء – و لحن فى عام 1954 – بناء على هذا التفكير – أغنيتين لفايده كامل-زميلته السابقه فى كليه الحقوق- هما ( ليه لأ – ليه فاتنى ليه ) وذلك من خلال فرقه ساعه لقلبك .. 

توطدت علاقته بالفنان العظيم (محمد فوزي) ، الذى أعطاه فرصه التلحين لكبار المطربين و المطربات من خلال شركه (مصرفون) التى كان يملكها ، و فى عام 1957 قدم بليغ أولى ألحانه لعبد الحليم حافظ (تخونوه) والتى كان من المفترض أن تغنيها ليلى مراد فى البدايه .. 

كانت النقله النوعيه لبليغ عندما التقى بسيده الغناء العربي أم كلثوم ، التى اختارته من بين عشرين ملحن شاب على الساحه وقتها ليكون مرحله متطوره بعيدا عن السنباطى ، و كان عام 1959 هو عام فاصل فى حياه بليغ الفنيه حيث قدم لكوكب الشرق أولى ألحانه ( حب ايه ) و كانت بدايه مشوار طويل من الألحان الخالده و الموسيقى الأسطوريه امتدت من عام 1959 حتى عام 1973 و شملت الأغنيات التاليه ( حب ايه / ظلمنا الحب / أنساك يا سلام / كل ليله و كل يوم / بعيد عنك / فات المعاد / ألف ليله وليله / الحب كله / و أخيرا حكم علينا الهوى ) الى جانب أغنيه وطنيه وحيده بعنوان ( انا فدائيون ) 

تعانقت أنغام بليغ الساحره مع صوت حليم الشجي منذ نهايه الستينات وحتى منتصف السبعينات ليقدما معا مجموعه من أروع الأغنيات العربيه نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ( جانا الهوى / الهوى هوايا / التوبه / على حسب وداد / موعود / مداح القمر / زى الهوى / حاول تفتكرني / أى دمعه حزن لا / حبيبتى من تكون/ سواح / تخونوه / خسارة ) .. 

التقى بليغ حمدي بالثنائي محمد رشدي و الأبنودي فى مطلع الستينات وبدأ تفكيره يتجه صوب التراث و كنوز الموسيقى الفلكلوريه فعني بتقديم الفلكلور المصري بكافه أنواعه و أرتامه و جمله اللحنيه الشجية في صوره عصريه بعد ادخال لمساته الساحره عليه فقدم فى هذا الاطار لمحمد رشدى من كلمات الأبنودى ( عدويه / بلديات / وسع للنور ) و من كلمات آخرين (ميتى أشوفك / مغرم صبابه / طاير يا هوى/ على الرمله/ تغريبه ) وغيرها .. 

تزوج من الفنانه ( ورده ) بعد قصه حب عنيفه ، و قدم لها ما يزيد على الثمانين لحنا - صارت فيما بعد التاريخ الحقيقى لورده -نذكر منها ( خليك هنا / لو سألوك / مالي / دندنه / العيون السود / اشتروني / والله يامصر زمان / معجزه / ولاد الحلال/ حكايتى مع الزمان/ احضنوا الايام ) وغيرها الكثير .. الا انه تم الانفصال بينهما بعد زواج دام ما يقرب من السبع سنوات و بعد رحله فنيه هامه .. 

تغنى بألحانه الخلابة جميع المطربين و المطربات الذين كانوا على الساحة وقتها ، و تحمل (بمفرده) عبء التلحين لجميع الأصوات لمده تزيد على العشر سنوات آثر فيها الملحنون الكبار الصمت و الاكتفاء بما قدموه فى مراحل سابقه 

تعاون بليغ مع الفنانه شاديه فى عده أعمال خالده تنوعت ما بين أعمال فلكلوريه و عاطفيه و وطنيه ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (والنبى وحشتنا / اسمر و طيب يا عنب / زفه البرتقال / الحنه / قولوا لعين الشمس / عطشان يا صبايا / خلاص مسافر / و الله يازمن / حبيبتى يا مصر / أدخلوها سالمين/ آخر ليلى/ خدنى معاك/ مكسوفه ) و الأغنيه الأشهر فى تاريخ شاديه ( يا أسمرانى اللون ) من الفلكلور الشامى 

تعاون بليغ أيضا مع الفنانه نجاه و قدم لها عده أغانى رائعه ( أنا بستناك / كل شئ راح / الطير المسافر / سلم على / ليله من الليالى / حلاوه الحب / الطير المسافر/ نسى/ فى وسط الطريق/ سلم على و غيرهم )

و كان للفنانه صباح نصيب كبير أيضا ، نذكر مثلا ( عاشقه و غلبانه / يانا يانا / زى العسل / جانى و طلب السماح / أمورتى الحلوه/ كل حب و انت طيب )

اهتم بليغ خلال مشواره الفنى بالمسرح الغنائى و قدم عده مسرحيات غنائيه و أوبريتات استعراضيه كان أهمها ( مهر العروسه / تمر حنه / ياسين ولدى ) و الملحمه الوطنيه(جميله) من أشعار الشاعر المصرى الكبير / كامل الشناوى .. 

وضع بليغ الموسيقى التصويريه لكثير من الأفلام و المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية و الإذاعية .. فنذكر على صعيد الأفلام الملحمة " الكورالية " (شئ من الخوف) و (أبناء الصمت / آه ياليل يا زمن / أضواء المدينة / العمر لحظه / الأبرياء / الزمار / إحنا بيوع الأتوبيس / دنيا عبد الجبار) ، و من المسرحيات (ريا و سكينه / زقاق المدق) والتى قام بتلحين أغانيها أيضا، و كانت آخر أعماله الموسيقى التصويريه والألحان للمسلسل المصرى الشهير (بوابه الحلوانى ) .. 

كانت لبليغ أياد بيضاء على صعيد الايقاعات و الأرتام الموسيقيه ، فقد استخدم خلال مشواره الفنى الطويل معظم الايقاعات المصريه و العربيه المعروفه ، و كان له السبق فى ابتداع العديد من الايقاعات المركبه و التى استخدمها آخرين بعده .. 

كذلك اهتم بليغ بتطوير أداء الكورس و الأصوات البشريه المصاحبه للمطرب .. فأدخل - لأول مره - الأصوات البشريه فى سياق الأغنيه ذاتها لتعبر عن دراما النص ، و أفرد لها مساحات عده فى ألحانه الغزيره , وكتب جملا خاصه بها بعيده عن الجمل الموسيقيه التى يؤديها المطرب .. وله السبق فى اقناع كوكب الشرق أم كلثوم باستخدام الكورال فى احدى أغنياتها العاطفيه و هى أغنيه ( حكم علينا الهوى ) ، و كانت آخر أغنيه تؤديها .. 

تميز بليغ بموهبه متدفقه فى التلحين ، و ثراء لحني و موسيقى لافت للنظر ، حيث أتم ما يقرب من الألف و خمسمائة لحن من كافه الأشكال والقوالب الموسيقية التى انتشرت فى عصره من أغنيات عاميه و قصائد واوبريتات و موسيقى تصويريه للأفلام و المسرحيات ، و ذلك كله فى عمر فني قصير بالقياس لغزاره ألحانه .. 

تميز بليغ أيضا من الناحيه الموسيقيه ، بقدرته على وضع أى صوت يلحن له فى الاطار الموسيقى الصحيح ، و الذى يبرز امكانيات المطرب الصوتيه وشخصيته الفنيه على النحو السليم ، مما يصل به – و بالأغنيه بالطبع – الى وجدان و أذهان المستمعين من أقصر الطرق .. و لهذا ظلت دائما أعمال بليغ لكافه المطربين و المطربات بمثابه ( أعمالهم الخالده ) و التى ارتبطت فى أذهان الجماهير باسمائهم .. 

يعتبر بليغ من أكثر الفنانين المصريين وطنيه و اخلاصا و حبا الى درجه الهيام لمصر و أهلها و نيلها ، و له مواقف وطنيه لاتنسى فى أثناء فترات النكسه و الاستنزاف و حرب أكتوبر و على امتداد حياته بشكل عام ، وكان من أغزر الموسيقين تلحينا لمصر و فى عشق مصر و وزع ألحانه هذه على جميع المطربين و غنى و كتب بعضها بنفسه ، و نذكر من هذه الألحان على سبيل المثال ( عدى النهار / البندقيه اتكلمت / فدائي / عاش اللى قال / بسم الله / أنا على الربابه / عبرنا الهزيمه / يا حبيبتي يا مصر / و الله يا مصر زمان / رغم البعد عنك / لو عديت ) و غيرها الكثير .. 

تميز بليغ بموهبه شعريه رقيقه ، اضافه لعبقريته الموسيقيه بالطبع وكتب العديد من الأغنيات تحت اسم ابن النيل ثم باسمه و شارك فى كتابه العديد من الأغنيات الأخري التى قام بتلحينها 

قدم العديد من الأصوات – و هى نقطه تحسب له بشده – نذكر منهم على سبيل المثال : ( عفاف راضى / مياده الحناوى / على الحجار / سميره سعيد / لطيفه ) و غيرهم الكثير .. 

كانت آخر أحلام بليغ الموسيقيه ، عمل أوبرا مصريه ضخمه عن قصه (أخناتون) تقدم على مسارح و أوبرات العالم المتحضر ، وتفتح الباب للموسيقى الشرقيه نحو الانطلاق لآفاق عالميه لاتحدها قيود محليه الا أن القدر لم يمهله لتحقيق هذا العمل العظيم .. 

توفى بليغ فى 12 سبتمبر 1993 ، عن عمر يناهز 61 عاما ، و نعته الأهرام فى صبيحه اليوم التالى بقولها ( مات ملك الموسيقى ) ، و أعلنت وزاره الماليه المصريه انها بصدد طبع عملة تذكاريه باسمه الا ان ذلك لم يحدث حتى لحظه كتابه هذه السطور !

0 التعليقات:

إرسال تعليق